السياق وأثره في القواعد الأصولية والفقهية … الموافقات للشاطبي نموذجًا

الوصف

إن للسياق دورًا محوريًّا وأثرًا فعالاً في دراسة المعنى عمومًا وفَهْم النصوص واستنباط وتأصيل الكليات اللغوية والشرعية خصوصًا؛ ولذلك أَوْلاه اللغويون والأصوليون -قديمًا وحديثًا- عنايةً كبيرةً على مستوى اللفظ والتركيب والتحليل؛ إذ إن “العرب كما تُعنى بألفاظها فتصلحها وتهذبها وتراعيها؛ فإن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأفخم قدرًا في نفوسها. ولقد أحدث الشاطبيَّ رحمه الله أحدَث ثورةً تجديديَّةً في مناهج البحث الأصوليِّ، وكانت له مجهوداتٌ متميِّزة في البحث اللغوي، وفى مقدِّمتها نظريَّة السِّياق، والمتَتبِّع لمجهوداته في كتاب (الموافقات) خصوصًا يجدُ أنَّ:
معظم المباحث الدِّلاليَّة في (الموافقات) أقامَها الشاطبيَّ على أساس السِّياق، ويتضح هذا جليًّا في منهجه المقاصدي والاستقرائي كما أن القارئ والمُتتبِّع يَلحَظُ أثرَ السِّياق الكبير عند الشاطبيِّ في معرفة الدِّلالة وتحديد هُويَّة العبارة، وأقصِدُ بالسِّياق هنا الجوَّ العامَّ الذي يُحيط بالكلمة وما يَكتنِفُها من قرائنَ وعلامات.ومن ثم أريد أن أقرِّر أن كلَّ مَن يقرأ الشاطبيَّ يجدُه لغويًّا تداوليًّا بما تقتضيه العبارة من معنًى؛ فهو ممن وقفوا دراستَهم الأصوليَّة والمقاصديَّة على تقعيد المعنى وضبطِه.
و كان ذا دور رائد في تجليةِ دور السِّياقِ وعناصره لا سيما في (الموافقات)، وبيان أثره في المعنى والتقعيد اللُّغويِّ والأصولي.